Wikipedia

نتائج البحث

الجمعة، 10 فبراير 2017

الحلقة الثانية.. أسطورة الفهد: "أبو حسن سلامة" حين يلقي مرساته

الحلقة الثانية.. أسطورة الفهد: "أبو حسن سلامة" حين يلقي مرساته
تاريخ النشر : 2017-02-09
 
دنيا الوطن- بقلم بكر أبو بكر
في حلقة ثانية من ضمن خمس حلقات، سنعرض لحياة ومسيرة الأسطورة الفلسطيني من قيادات حركة فتح أبوحسن سلامة.

علي حسن سلامة، هو بطل من أبطال فلسطين وأسطورة تحدٍ للموساد الإسرائيلي لا نظير لها، هو فارس من فرسان الفتح المبين، الذين مزجوا بين الجرأة المفرطة ووثبة الفهد والجسارة مع الإيمان بالشهادة، والانفتاح وعشق الوطن وهدوء النفس.

أبو حسن سلامة القائد الفلسطيني الشاب الذي عاش فترة عنفوان الثورة الفلسطينية في لبنان (حقبة السبعينات من القرن العشرين) امتاز بالذكاء الشديد والشجاعة والإقدام، والكرم مع رجاله، وكان فذّا في بناء العلاقات الاجتماعية مع المتفقين والمختلفين فنوّع في مستويات علاقاته، (وبالتالي في مصادر معلوماته الأمنية كرجل أمن) فلم تقتصر على الفلسطينيين بل تعدتها إلى اللبنانيين والأجانب ومنهم أوعبرهم تم فتح العلاقات مع أنصار فلسطين في أمريكا وتحديداً في الإدارة الأمريكية.

وفي الحلقة الأولى تعرضنا للبدايات للرجل وامتداداً لأبيه المناضل الكبير، وفي هذه الثانية ننتقل إلى جهاز الـ 17 والخروج من الأردن والعمليات الخارجية ضد إسرائيل.

الأمن الموحد وجهاز "الـ 17"، و"أيلول الأسود"

نجا الفارس ياسر عرفات من معارك الأردن بأعجوبة، وخرج مع أبو حسن سلامة بعباءات خليجية، وتحت مسؤولية الوفد العربي فوصل القاهرة، إلا أن صلاح خلف أخفق ومن معه في فك الحصار حولهم، وتم اعتقالهم ثم أطلق سراحهم لاحقاً، ليُحمّل هو وعدد من القيادات الأمنية مسؤولية ما حصل في الأردن، فتسلم أبو إياد مهمة أخرى في الفترة (1971-1973).    

وبعد استشهاد القادة الثلاثة عام 1973 (أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر) أعيد تشكيل الأجهزة الأمنية فنشأت حينها كل من:

1- جهاز الأمن الموحد بقيادة صلاح خلف، لتشمل مهمته الأمن في منظمة التحرير الفلسطينية.

2- جهاز الأمن المركزي بقيادة هايل عبد الحميد (أبو الهول).

3- جهاز الـ17 (أمن الرئاسة) على غرار الحرس الجمهوري في العراق أو سوريا وهو الجهاز الذي تسلمه أبو حسن سلامة، وكان نائبه الميداني أبو الطيب محمود الناطور.

سمي الجهاز بهذا الاسم الرمزي (أي جهاز الـ17) لسبب طريف أنه ارتبط بكشف أوائل المتفرغين في جهاز أمن الرئاسة، الذي قدموا مع محمود الناطور
(أبو الطيب) في رحلة الخروج من عمان إذ كانوا 17 أخاً (فأطلق عليهم كشف الـ 17)، وإضافة لاشتمال هاتف المقر على الرقم 17 .[1]

انتهت فعالية الجهاز الحقيقية مع الدخول للوطن عام 1994 ثم انتهى فعلياً في عهد الرئيس أبو مازن ليتم استبداله بجهاز مهني صرف تحت اسم الحرس الرئاسي تابع للأمن الوطني.

كانت مهمة جهاز الـ17 هي مهمة حراسة الرئيس أبو عمار، ومهمة إجراء الاتصالات مع القوى السياسية الخارجية خاصة الغربية أو المناوئة مثل الكتائب اللبنانية أو الأمريكان عدا عن المهمات الأمنية الخاصة إلى جوار العمل العسكري القتالي.

إذن تسلم أبو حسن سلامة (جهاز الـ17) بعد أن كان عمله المثير للجدل (1971 - 1973) في مهمة العمليات الخارجية أو العمليات الخاصة ضمن المسؤولية المرجحة لصلاح خلف (أبو إياد)[2] فكان كل من أبو حسن سلامة وأبو داوود (محمد داوود عودة) نائبين له، وهذه العمليات الخارجية الضخمة تحت اسم (منظمة أيلول الأسود) هي التي صنعت شهرة وقوة أبطال العمليات الخارجية، الذين كان أبرزهم البطل الفهد أبو حسن سلامة.

منظمة (أيلول الأسود) هي المنظمة المنسوبة لحركة فتح، والتي مارست ما أسمته حركة فتح "العنف الثوري" حيث قال فيها خالد الحسن معقباً على عملياتها المدوية (طالما يعيش الشعب الفلسطيني في حالة الظلم والتشرد...فمن الطبيعي قيام حركة من نوع "أيلول الأسود" تعبيرا ًعن مأساة هذا الشعب) ودون أن يتبناها كحركة فتح وفيها قال أيضا صلاح خلف (أبوإياد) حين يحرموننا حقنا الأساسي في القتال على أرضنا لإخراج الغاصب فمن الطبيعي أن نوسع ساحة القتال)[3]

العمليات الخارجية الصاعقة من إيطاليا إلى ألمانيا

تسلم صلاح خلف ونائبا له أبو حسن[4] – حسب أكثر المصادر – مسؤولية العمليات الخارجية (في حركة فتح) والتي أطلق عليها أيضاً اسم العنف الثوري أو (حرب الظلال) التي هدفت لإعادة لفت الأنظار للقضية الفلسطينية بعد الخروج من الأردن، ولمجابهة حرب المخابرات الإسرائيلية التي طالت الأدباء والشعراء والسياسيين، كما طالت القيادات الأمنية فكانت الثورة الفلسطينية بالمرصاد بعمليات نديّة أوقعت خسائر فادحة بالمصالح الإسرائيلية من جهة وبمحطات وقيادات وعملاء الموساد في أوروبا تحديداً.

لقد أشتعلت حرب المخابرات بين الثورة الفلسطينية و"الموساد" الإسرائيلي على امتداد العالم، وخاصة على ساحة لبنان وأوروبا فكانت عمليات الموساد ضد الأديب غسان كنفاني (1971) ومحاولة اغتيال أنيس الصايغ وبسام أو شريف المحفّز لحرب المواجهة الفلسطينية على ذات الصعيد، واغتيال محمود الهمشري في فرنسا عام 1972 وقبله وائل زعيتر في إيطاليا.

في حرب المخابرات الندّية المستعِرة اغتال جهاز العمليات الخارجية بقيادة أبو حسن سلامة سبعة عشر مسؤولاً أو قيادياً (أو محطة أو عميل للموساد) على امتداد ساحة أوروبا، وفي حرب الموساد ضد الثورة الفلسطينية التي كانت تنجح حيناً وتخفق أحياناً، أخفق الموساد في محاولات اغتيال أبو حسن سلامة لعشر مرات، وكان من فشلهم قتل المواطن المغربي (أحمد بوشيكي) [5] طناً أنه أبو حسن في النرويج، وحينها تم اعتقال المنفذين الإسرائيليين في فضيحة مدوية، رفعت من أسهم أبوحسن وأذلّت الموساد.

ويقول العميد ماهر شبايطة أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م. ت. ف" في صيدا- لبنان في شهادته (كان الشهيد علي حسن سلامة واحداً من أعنف وأمهر مدبري اغتيالات قيادة الاحتلال، حيث أسندت إليه قيادة العمليات الخاصة ضد الاحتلال الإسرائيلي في شتى أنحاء العالم).

فشلت المخابرات (كمثال) في تجنيد أحد أقرباء صخر حبش، الذي رد الصاع صاعين بقتل ضابط التجنيد، وتُمثل عملية كنيسة (جلاروس) في سويسرا فشلاً ذريعاً إضافياً "للموساد" الذي اعتقد أن أبو حسن في لقاء داخل الكنيسة مع آخرين، فقتل الموساد خطأ ثلاثة أبرياء من حرس الكنيسة بلا جدوى.

يعتبر كتاب "مجتمع الاستخبارات الإسرائيلية" الصادر عام 2011 لكل من: "أهارون فركش" رئيس الاستخبارات آنذاك، و"دوف تماري" من أهم الكتب التي أزاحت الستار عن أسطورة الموساد فتعرضت لعديد العمليات الفاشلة في ظل استعار الحرب الخفية بين المخابرات الفلسطينية والموساد.

كانت عمليات تدمير خزانات النفط في "تريستا" إيطاليا من أشهر عمليات أبو حسن سلامة، كما كانت العمليات المنسوبة له ولمنظمة (أيلول الأسود) الغامضة في ألمانيا وهولندة ضد مخازن شركة الغاز (إسّو) وتلك التي دمرت مصانع لبناء محركات الطائرات الإسرائيلية في هامبورغ– ألمانيا نماذج صاعقة من نماذج الحرب ضد المصالح الإسرائيلية في كل مكان، وهي التي صنعت وغيرها شهرة "أيلول الأسود" وسجلت دوياً عالمياً.

[1] أبوالطيب (اللواء محمود الناطور)، (حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات) بجزئيه التي غطت السنوات (1965-1994)، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان، 2014 ص293

[2]  لا يشير صلاح خلف في كتابه "فلسطيني بلا هوية" لمسؤوليته المباشرة أو إشرافه على  العمليات الخارجية الصاعقة التي قامت بها "منظمة أيلول الأسود"، فيما يشير أبوالطيب محمود الناطور إلى أنه وأبوحسن التقيا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المكلف بالإشراف على العمليات الخارجية عام 1971 دون إشارة لاسمه في كتابه (حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات) ص 290.

 يزيد صايغ، مصدر سابق، ص 451 وص 453[3]

[4]  تشير المصادر في حركة فتح لدور كل من أبو يوسف النجار في العمليات، كما تشير لدور كمال عدوان الكبير في العمليات التابعة للقطاع الغربي (الأرض المحتلة).

[5]  يذكر في مصادر أخرى تحت اسم (أحمد بوشيخة)

[6]  موقع فلسطيننا التابع لحركة فتح في لبنان العدد 23/1/2015

[7]  الشهيد الأديب والمفكر صخر حبش عضو المجلس الثوري، ثم أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح فعضو اللجنة المركزية مسؤول الفكر والدراسات.

[8] تشير كثير من المصادر المتداولة إلى الآتي: من العمليات التي تسند إليه و لرجاله قتل ضابط الموساد (زودامك أوفير) في بروكسل، وإرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من عملاء الموساد في العواصم الأوروبية، رداً على حملة قام بها الموساد ضد قياديين فلسطينيين، ومن الذين قتلوا بهذه الطرود ضابط الموساد في لندن (أمير شيشوري). 

كما يشار إلى تصفية مسؤول الموساد في مدريد (باروخ كوهين)، واغتيال ضابط المخابرات الإسرائيلية (موشيه جولان).



الحلقة الأولى.. أسطورة الفهد: "أبو حسن سلامة" حين يلقي مرساته

الحلقة الأولى.. أسطورة الفهد: "أبو حسن سلامة" حين يلقي مرساته
تاريخ النشر : 2017-01-26
 
رام الله - دنيا الوطن
بقلم: بكر أبو بكر

في خمس حلقات سنعرض لحياة ومسيرة الأسطورة الفلسطيني من قيادات حركة فتح أبوحسن سلامة.

أبو حسن (علي حسن سلامة) هو بطل من أبطال فلسطين وأسطورة تحدٍ لا نظير لها للموساد الإسرائيلي، هو فارس من فرسان الفتح المبين الذين مزجوا بين الجرأة المفرطة ووثبة الفهد والجسارة مع الإيمان بالشهادة، والانفتاح وعشق الوطن وهدوء النفس.

أبو حسن سلامة القائد الفلسطيني الشاب الذي عاش فترة عنفوان الثورة الفلسطينية في لبنان (حقبة السبعينات من القرن العشرين) امتاز بالذكاء الشديد والشجاعة والإقدام، والكرم مع رجاله، وكان فذّا في بناء العلاقات الاجتماعية مع المتفقين والمختلفين فنوّع في مستويات علاقاته (وبالتالي في مصادر معلوماته الأمنية كرجل أمن) فلم تقتصر على الفلسطينيين بل تعدتها إلى اللبنانيين والأجانب ومنهم أوعبرهم تم فتح العلاقات مع أنصار فلسطين في أمريكا وتحديداً في الإدارة الأمريكية.

وفي الحلقة الأولى سنتعرض للبدايات للرجل وامتداداً لأبيه المناضل الكبير

بدايات أبوحسن ومميزاته 

تلقى أبو حسن سلامة (المولود عام 1941 في العراق) أولى دوراته الأمنية في القاهرة عام 1968 عندما اختاره الشهيد القائد صلاح خلف مع زملاء له لهذه الدورة التي شكلت البدايات لجهاز "الرصد المركزي"، ولم يكن هذا غريباً على أمثال أبو حسن سلامة الذي اتسم بالشجاعة والقوة كما ذكرنا مع ما اجتمع له من بناء جسدي متميز، إذ كان لاعب كراتيه تحصّل على الحزام الأسود، واستمر في هذا المسار مع مهماته الأمنية الدقيقة في تقاطع شكّل شخصيته الجذابة المتسقة مع أناقته تلك التي فاقت أقرانه أو جلبت حسدهم. 

أبو حسن سلامة المحبّ للحياة وللطبيعة والجبل والبحر، نعم، هو من كان بطل الحرب السرية ضد الموساد وضد المصالح (الصهيونية) في أوروبا، وما كان دموياً أو إرهابياً كما حاولت الدعاية (الصهيونية) أن تصفه زوراً، فالعاشق لفلسطين وللشهادة والعطاء كان الأحرص على الدم حتى وهو ينفذ العمليات الصعبة ضد المصالح (الصهيونية)، أو ضد المناوئين للثورة فلم يكن القتل هو الهدف مطلقاً بل أن تصل الرسالة ... أن لنا وطن وسيكون لنا دولة.

إن أردنا تلخيص صفاته ومميزاته الأساسية مما سبق فلنا أن نجملها بالتالي: أنه كان محباً للحياة ما جعل بناء العلاقات لديه قدرة، وكان جريئاً جسوراً ذكياً استمد ذلك من سيرة والده البطل حسن سلامة ومن طريقة تنشئته الصارمة على التضحية والفداء، حيث لم تمل أمه من تذكيره بأبيه وسيرته، ومن صحبته للعملاق ياسر عرفات، وكان عاشقاً لفلسطين متأهباً للشهادة التي استقبلها بصدر رحب.

من الممكن أن نشبه الشهيد البطل أبوحسن سلامة بالفهد لما يتقاربان فيه من مواصفات "فالفهد أسرع الثدييات عدوًا، سريع الاستجابة البدنية، حيث يمتلك جسدًا طويلاً رشيقًا انسيابيًا، ويتصف الفهد بجسم قوي مهيأ للمطاردة، كما الحال مع الفدائي والمناضل كأبي حسن، وهو ذكي ومخادع يمارس الصيد ليلاً ونهاراً تماماً كعمل رجل الأمن، وله فكّان صلبان وأسنان ومخالب حادة، ويعتبر من أكثر الحيوانات مهارة في الصيد ويكسو جسمه فراء سميك تختلف ألونه باختلاف البيئة التي ينتمي إليها، وكما هو الحال في القطط الكبيرة، وهو يحب الاجتماع وبناء العلاقات". 

الولد سر أبيه

والده الشهيد البطل حسن سلامة (1913 - 1948 م) ولد في قرية قولية غير البعيدة عن رام الله، وهي القرية التي تعد آنذاك من قضاء اللد، لواء يافا، البطل حسن سلامة أو الشيخ حسن سلامة كما أصبح يلقب لاحقاً كان منذ شبابه المبكر قد شارك في أعمال الثورة والمقاومة ضد الاحتلال الإنجليزي والإسرائيلي، فقام بالعديد من العمليات النوعية التي ألهمت أجيالاً من بعده ومنهم ابنه علي (أبو حسن) كما يتضح من مسيرته.     

كان من عمليات الوالد نسف خطوط السكك الحديدية في فلسطين، وتدمير أعمدة الكهرباء وتدمير خطوط المواصلات التي يستخدمها الاستعمار البريطاني و(الصهاينة)، وإحراق البيارات التابعة للمستعمرات الإسرائيلية في فلسطين، ونسف قطار اللد– حيفا.

شارك كقيادي في ثورة (1936-1939)، وبعد نداء الملوك العرب بوقف الثورة غادر إلى لبنان وسوريا ثم العراق (حيث ولد علي هناك عام 1941) ملتحقاً بالكلية العسكرية، وفي العراق استمر الأب في حراكه الثوري، حيث شارك وقاد فصيلاً من المناضلين الفلسطينيين في الثورة ضد الإنجليز.

وفي عام 1943 عاد إلى فلسطين ليواصل نضاله فطورد في جبال القدس، فانتقل إلى سورية، ثم عاد إلى فلسطين مرة أخرى بعد صدور قرار التقسيم المشؤوم في تشرين الثاني 1947 وأسندت إليه قيادة القطاع الغربي من المنطقة الوسطى ثم منطقة القدس، بعد استشهاد القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل.

خطط وقاد عدداً من المعارك الناجحة، وأصيب في رئته اليسرى في معركة رأس العين شمال غرب القدس أثناء قيادته هجوماً مضاداً كاسحاً على مراكز العصابات الإسرائيلية في 31-5-1948، ونقل إلى المستشفى واستمر رجاله يقاتلون الأعداء بحماسة حتى طردوهم من رأس العين، استشهد القائد حسن سلامة يوم 2-6-1948 بعد أن علم بانتصار رجاله واندحار الأعداء عن رأس العين.

تأثرت حياة أبو حسن سلامة بوالده إذ يقول زميله ونائبه حينها محمود الناطور (أبو الطيب) (اللواء حاليا)، (عشقت روح أبو حسن النضال إرثاً عن والده الشيخ حسن سلامة)، كما كان الرجل مبهوراً بجاذبية وبتقشف ياسر عرفات منذ عرفه في الأردن، فتأثر به كثيراً (وهو يرى سعادته حينما يتحقق نصر سياسي أو عسكري ، وحينما يخرج عملاقاً من المآزق التي طالما ألمت بالثورة فرحاً معتزاً).

لم تألُ والدة أبو حسن جهداً في تذكيره أنه ابن أبيه المناضل والثائر والبطل والشهيد فدخل العمل الثوري مبكراً عام 1964 وذلك في الكويت حيث التحق بحركة التحرير الوطني الفلسطيني– فتح على يد القائد والمفكر خالد الحسن (أبو السعيد)، وكان أبوحسن حينها يعمل في إطار مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بالكويت في دائرة التنظيم الشعبي.

من التنظيم إلى الأمن

من التنظيم الشعبي إلى العمل الأمني كانت النقلة الكبيرة في حياة أبو حسن عندما اختاره الشهيد القائد صلاح خلف (أبواياد) أحد عمالقة العمل الأمني الفلسطيني عضواً في الدورة الأمنية الأولى في القاهرة، والتي أسست لقيادات (جهاز الرصد الثوري)[3] (3) الذي أنشئ في الأردن بعد معركة الكرامة فكان أبو حسن نائباً لصلاح خلف (أو بالأحرى مساعداً له لأن هاني الحسن كان هو النائب لصلاح خلف).

استطاع جهاز (الرصد الثوري) أن يحقق مجموعة من الإنجازات في الفترة التي عمل فيها (1968 – 1971) من ضمنها:

1- مهام الاستقطاب والتجنيد للثورة الفلسطينية ولجهاز الأمن.

2- اختراق العملاء واختراق أجهزة الاستخبارات الأخرى لاسيما أنه بعد انتصارات الثورة الفلسطينية وعملياتها العسكرية المتنامية حصل التدافع المحموم من الجماهير الفلسطينية والعربية لتنضم للثورة مع ما يعني ذلك من إمكانيات استخبارية هائلة داخلية ومضادة.

 3- قام جهاز الرصد الثوري بوقاية الثورة الفلسطينية من الاختراقات والمؤامرات على الثورة.

 كما انشغل الجهاز 4- بفرز التقارير الكيدية وتصفية بعض الجماعات والمنظمات العميلة التي نشأت على هامش الثورة.

 5- كما قام الجهاز بتحقيق علاقات هامة مع الفصائل الفلسطينية التي تنامت آنذاك بشكل مثير.

 لقد واكبت نشأة جهاز الرصد الثوري العلاقة مع الرئيس جمال عبد الناصر الذي انفتح على حركة فتح والثورة الفلسطينية منذ أواخر العام 1967 [6]  (6) أي بعد النكسة، وعمل أبو حسن في الجهاز في الأردن وكان قريباً من صلاح خلف ومن الرمز ياسر عرفات إذ استطاع في خضم الأحداث المؤلمة للعام 1970 أن يؤمّن لياسر عرفات طرق التنقل الآمن بين الحواجز وكمائن الجيش وساحات الاشتباك الدائر بين الأخوة فيصل سالماً إلى قرب السفارة المصرية في عمان، ثم الوصول إلى مطار ماركا في عمان عبر التمويه المتقن والتخفي. 

كان أبو حسن أحد التسعة المحظوظين والناجين من الذين تواجدوا حول أبو عمار حيث كانوا 50 مناضلاً شرساً لقوا وجه ربهم دفاعاً عن مواقعهم وقائدهم.

خرجت الثورة عملياً من الأردن لسبب تقاطعات الثورة والدولة والسياسة والاستغلال السياسي، ونتيجة تعارض المواقف حول المشاريع السياسية المطروحة آنذاك، ودخول السلاح بشكل مضطرد، فكانت لبنان منذ العام (1970 – 1983) هي محطة ومقر القيادة الفلسطينية التالية.

الحواشي

1- لمراجعة موقع (وفا) عن الشهيد حسن سلامة. 

2- تشكلت المجموعة الأولى من: أبو حسن سلامة، ومحمد عودة (أبو داوود) ومهدى بسيسو(أبو علي) وفريد  الدجاني (أبو رجائي) وسفيان الأغا (أبو مجيد) وفخري العمرى. 

3- يزيد صايغ، الكفاح المسلح والبحث عن الدولة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 2002 ص 377. 

 4- من ورقة للواء محمود الناطور (أبوالطيب) عن الأجهزة الأمنية. 

5-  قام الكاتب الشهير محمد حسنين هيكل بترتيب اللقاء الهام الذي أنهى حالة التشكك للرئيس عبد الناصر مع حركة فتح.